الفهرس والافتتاحية باللغة العربية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم المكتبات والوثائق والمعلومات، كلية الآداب، جامعة القاهرة,

المستخلص

بينما كنت قد استقريت على موضوع افتتاحية هذا العدد، وحيث كنت أطالع المواقع الإلكترونية للمؤسسات والاتحادات المهنية الدولية والإقليمية العاملة في  تخصص المكتبات والمعلومات، استرعى انتباهي خبرًا جعلني أغير وجهة موضوع الافتتاحية، هذا الخبر هو دعوة منظمة اليونسكو  البلدان إلى تنفيذ توصيتها بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالكامل وعلى الفور، وذلك في أعقاب إطلاق أكثر من 1000 مهني عامل في مجال التكنولوجيا نداء للإيقاف المؤقت لتدريب أقوى نظم الذكاء الاصطناعي، بما فيها تطبيق Chat GPT. وتقدم هذه التوصية، التي اعتمدتها بالإجماع الدول الأعضاء المائة والثلاثة والتسعون في المنظمة، جميع التدابير الاحترازية اللازمة([1]).
ومن وجهة نظري أرى أن ثمة اتجاهين في تناول الحديث عن تقنية Chat GPT؛ الاتجاه الأول: والذي يركز على خصائص هذه التقنية وأسباب استحداثها كوسيلة للمشاركة في عمليات تبادل المحادثة مع المستخدمين كاستجابات شبيهة بالردود البشرية على الأوامر أو الأسئلة بناء على بيانات مدخلة مسبقاً ، وكذلك استخدامات وتطبيقات هذه تقنية Chat GPT في تخصص المكتبات والمعلومات مثل خدمات الرد على الاستفسارات والخدمة المرجعية الافتراضية Virtual Reference Service، وخدمة المساعد الافتراضي Virtual Assistants الذي تستخدمه المكتبات لتقديم المعلومات الأساسية الخاصة بالمكتبة للمستفيدين، واستثمار هذه التقنية في تطوير نظم استرجاع المعلومات عن طريق توفير المزيد من تفاعلات اللغة الطبيعية وفهم نمط البحث عن المعلومات والتفضيلات البحثية لمستخدمي موقع المكتبة وقواعد المعلومات المشترك بها، وتقديم توصيات تستجيب لهذه التفضيلات. وأخيرًا أبرز وأحدث تطبيقات هذه التقنية في مجال علوم الإنسانيات الرقمية digital Humanities والتنقيب عن النصوص Text Mining من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات النصية؛ حيث يمكن لـ Chat GPT المساعدة في معالجة النصوص واستخراج المعلومات منها وتطوير مستخلصات لمحتواها.
أما الاتجاه الثاني: فيتمثل في الاستخدام الحذر والمشروط لهذه التقنية نظراً لما تنطوي عليه من محاذير ومخاطر وأخطاء من أبرزها إمكانية الاحتفاظ بمعلومات شخصية أو تجارية يمكن إعادة استخدامها بواسطة هذه الخدمة  أو أطراف أخرى ربما بمقابل أو حتى بدون، بالإضافة إلى خطورة الاعتماد على هذه التقنية في إعداد الأبحاث العلمية وما يمكن أن ينطوي عليه من معلومات مغلوطة أو غير دقيقة خاصة مع غياب المصادر التي استقيت منها المعلومات المقدمة، ناهينا عن قضايا حماية الملكية الفكرية وحق المؤلف، و وتعميق تكاسل الباحثين الذين قد يستسهلون الاعتماد على ما يقدمه لهم Chat GPT جاهزًا مما يقلص مساحة التفكير النقدي وبناء الشخصية البحثية المستقلة والمميزة عن غيرها
وعن قصد سأجعل الافتتاحية مفتوحة النهاية، بطرح سؤال ربما يجاب عنه في المستقبل القريب، وهو إلى أي مدى يمكننا الاعتماد على تقنية Chat GPT في مختلف الأنشطة العلمية والبحثية والخدمات التي تقدمها مؤسسات المعلومات المختلفة؟ وإلى متى ستستمر هذه التقنية في التطور؟ أو حتى الوجود؟ وهل يخفي لنا المستقبل تقنية أخرى قد تبتلع هذه التقنية وتتجاوزها؟ فلنعمل... ولنصبر ...لنرى.
 
([1]) أزولاي، أودري (2023) اليونسكو تدعو جميع الحكومات إلى تنفيذ الإطار الأخلاقي العالمي من دون تأخير. اليونسكو. مسترجع في 31 أغسطس 2023.
https://www.unesco.org/ar/articles/aldhka-alastnay-alywnskw-tdw-jmy-alhkwmat-aly-tnfydh-alatar-alakhlaqy-alalmy-mn-dwn-takhyr